المشكلة هنا أن النظام العربي “تصهيَن” ولكن بمعنى اقتناعه بالعقيدة الأمنيّة الإسرائيلية إزاء الفلسطينيين واعتناقها للسحق حلًا لمعضلتها التاريخية؛ لقد آمن بأن القوة كفيلة بفعل كل شيء وهو ما تفعله الصهيونيّة منذ مائة عام ولم يورثها ذلك إلا عداءً عربيًا متزايدًا ومقاومة فلسطينيّة أشد وأكثر حدّة يتوارثها الفلسطينيون جيلًا فجيل. فشل الإسرائيلي في تصفية القضية الفلسطينية وسيفشل لأنها في بنية تاريخ الحداثة العربيّة، وإطارها حديث: المواطنة والدولة الحديثة ومقاومة الاستعمار. هذان الأمران معًا هما ما منعا، ويمنعان اليوم، أن يكون الفلسطينيّون مثل السكان الأصليين في أميركا وأستراليا لحظة صراعهم المرير مع المستوطنين الأوروبيين؛ إنهم ليسوا قبائل تقليديّة لا تشكّل شعبًا، تحارب الوحشية الاستعمارية الحديثة، بل شعب (بالمعنى الحديث) أولًا، ويرتبط ثانيًا تاريخ تكوّنه شعبًا ونكبته بتاريخ الهوية الحديثة لقرابة نصف مليار إنسان يحيطون به شرقًا وغربًا.
؟؟؟ المقالة لم تُقيّم بعد حسب مقياس الأهمية الخاص بالمشروع.
بناءً على ما تقدم، نستنتج أن هابرماس يرفض كل مفهوم عرقي أو قومي للمواطنة في ظل الديمقراطية التواصلية؛ لأن القومية والعرقية تؤدي إلى التعصب والعنف، وبالتالي نفي التعايش والاعتراف بالآخر، ففي نظر هابرماس أن المواطنة التواصلية هي القادرة على استيعاب التعددية الثقافية والاجتماعية، وما يربط العلاقات بين المواطنين داخل الوطنية الدستورية هو الحوار والنقاش الذي رهانه الفهم الصحيح للقوانين العالمية المشتركة، دون أن ننسى احترام الخصوصيات الثقافية والقومية ... إلخ. إذ إن الالتزام بمبدأ الحوار حسب هابرماس سيؤدي حتماً إلى الالتزام بشروط التعايش الديمقراطي السلمي والاعتراف بالآخر الذي سيعبد الطريق نحو التحرر من التسلط والقهر والاستبعاد ونقي الآخر، عندما يتم اشتراك كل فئات المجتمع وبمختلف انتماءاته في تقرير المصير الذي يخص كل مواطن دون استثناء. فالمواطن في دولة الحق والديمقراطية التواصلية التي يقترحها هابرماس لم يعد ينظر إليه ككائن خاضع إلى السلطة الشرعية، فقد أصبح يعرف ذاتاً واعيةً تساهم في عملية التي يفكر عبرها المجتمع في ذاته ويقرر مصيره، لكن لا يمكن للحق أن يكتفي بإرضاء المتطلبات الوظيفية لمجتمع معقد، لا بد من أن يستجيب لشروط التعايش والاندماج الاجتماعي الذي يتم في النهاية عبر عمليات الفهم المتبادل المحققة من قِبل ذوات تتفاعل بواسطة التواصل؛ أي عبر ادعاءات الصلاحية.
من جهة أخرى، أظهر العقد الأخير فشل وتقادم كل الأيديولوجيات الكبرى في العالم العربي: الإسلامية والليبرالية والناصرية (والقوميّة عمومًا). ويمكن القول إن ثمة مؤخرًا بوادر تحولات هذا الجانب ولكنها لم تأخذ شكلًا في المجال الأيديولوجي العربي المتغير. مشاريع الحركات الإسلامية هُزمت تمامًا، يمينًا ويسارًا؛ حتى المقاومة الإسلامية الفلسطينية ناجحة في فعلها المقاوم العسكري -نجاحًا مبهرًا في الحقيقة- وليس في رؤيتها السياسية للقضية والعالم. هذا ولا تزال الحركات الإسلامية العربية تخوض غمار مرحلة انكسار واضطهاد غير مسبوقين في تاريخها، وهي للأسف لم تدخل بعد إلى مجال التفكير في النقد والتغيير. أما ما اضغط هنا يمكن تسميته بما بعد الناصريّة؛ أي الأيديولوجيا التي تستطيع أن تزاوج بين القومية ومنطق الدولة والعدالة الاجتماعية من جهة والديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والاقتصاد الرأسمالي من جهة أخرى، فبدأت تتكوّن في السديم إمكانيّة بزوغ تيار في مصر يمثله النائب البرلماني أحمد الطنطاوي، ولكن النظام المصري حريص على إجهاض ولادة هذا التيّار.
هذه صفحة النقاش المخصصة للتحاور بخصوص التحسينات على مقالة حر كطير.
المزيد الدراسات الدينية الفلسفة والعلوم الإنسانية الدين وقضايا المجتمع الراهنة الدين والسياسة التأويل الحقوق والحريات العلمانية الابستيمولوجيا الفكر الإسلامي الفلسفة الاختلاف فهم الدين مكتبة الصور
يمكنكَ استخدام صفحة النقاش هذه لبدء نقاش مع الآخرين حول كيفية تطوير وتحسين صفحة حر اليدين.
إذا أردت المساهمة، فضلًا زر صفحة المشروع، حيث يُمكنك المشاركة في النقاشات ومطالعة قائمة بالمهام التي يُمكن العمل عليها.
بالطبع، بعد الانتهاء من صياغة الحوار، سيتم إرساله لك لمراجعته وإجراء أي تعديلات ضرورية قبل نشره.
انتقل إلى المحتوى القائمة الرئيسية القائمة الرئيسية
اتكاءً على استحضارٍ ذكي لسياق المسألة حاولت جماعات سياسيّة وأنظمة عربيّة منذ السبعينيّات التخلص من هذه القنبلة الموقوتة في قلبه، أي القضية الفلسطينية، بضرب العروبة؛ العروبة وليس فكرة ومشاريع القومية العربية فحسب؛ فبالإمكان أن يكون المرء عروبيًا يقدّر المشتركات الثقافية والتاريخية العربية ويرى اللغة العربيّة لغته الوطنية/القوميّة ويحرص على تمكينها في السياسات الثقافية للدولة ولكنه لا يرى في مشروع إقامة دولة عربية واحدة وجاهة ويقف مع الدولة الُقطريّة وينظّر لها في إطار ثقافي تضامني عربي نحيل. لقد فهموا أن الخلاص من تهديد هذه القضيّة المزمن لاستقرار النظام لا يكون إلا بنسف خصوصيّته العربية؛ أي ألا نكون عربًا بالأساس. هنا تظهر متلازمة أخرى: حين يتجه النظام إلى التطبيع مع إسرائيل، يستعر أوار خطابات ما قبل العروبة مثل الفرعوني والفينيقي وما شابه، ومؤخرًا دخل النظام السعودي بنسخته المحلية من هذا الخطاب التي تبدو بشكل مخادع كأنها مضادة للخطابات الأخرى ولكنها في الحقيقة تنويع منه بل وتُكمّلها وتؤكّدها مضمونيًا وشكليًا؛ فعوضًا عن إنكار عروبته يُشدّد عليها بالمعنى العرقي وتُقصر العروبة على الجزيرة العربية ويتوقف الفلسطينيون عن كونهم عربًا وهكذا تُحل المشكلة.
وهذه بعض النصائح من الخبراء للتوصل إلى أفضل النتائج في النقاش:
Your browser isn’t supported anymore. Update it to find the best YouTube encounter and our newest functions. Learn more
أضف لغات محتويات الصفحة غير مدعومة بلغات أخرى. أضف موضوعًا
Comments on “Helping The others Realize The Advantages Of نقاش حر”